
عن التوحد
ما هو التوحد
اضطراب طيف التوحد ASD يعود لمجموعة من الحالات التي تتسم بالتحديات أو الصعوبات المتعلقة بالمهارات الاجتماعية، والسلوكيات المتكررة، والتواصل غير اللفظي، بالإضافة إلى القوى والاختلافات فريدة. فنحن نعلم الآن أن التوحد ليس نوع واحد فحسب بل عدة أنواع، والتي يعود سببها لمجموعة من العوامل والتأثيرات الوراثية والبيئية المختلفة.
هو اضطراب نمائي تشمل أعراضه الأساسية على صعوبات في التواصل والتفاعل الاجتماعي وأنماط تكرارية ومحدودة من السلوكيات.
مصطلح "طيف" يعكس مدى التباين الواسع في التحديات والقوى التي يمتلكها كل طفل مصاب بهذا الاضطراب. فسماته الأكثر وضوحا تكاد أن تظهر ما بين سن الثانية والثالثة. وفي بعض الحالات، يمكن تشخيصه في سن مبكر من 18 شهراً.
وفقاً لمنظمة الصحة العالمية: طفل من كل ١٦٠ طفل حول العالم مصاب باضطراب طيف التوحد. ووفقاً لمركز التحكم بالأمراض والوقاية منها الأمريكي (CDC) فإن معدل انتشار اضطراب طيف التوحد في الولايات المتحدة الأمريكية في عام ٢٠٢٠م (طفل من كل ٥٤ طفل) مصاب باضطراب طيف التوحد

ماهي مسببات التوحد؟
مما نعرفه الآن فإنه لا يوجد مسبب متفرد للإصابة باضطراب طيف التوحد. وتقترح الأبحاث أن التوحد ينشأ من تواجد هذه العوامل الجينية وغير الجينية والبيئية مجتمعة ويجدر التنويه أن تأثير هذه العوامل على احتمالية الإصابة بالتوحد لا يجعل منها مسببًا بحد ذاتها. فعلى سبيل المثال فإنه من الممكن تواجد بعض التغييرات الجينية المرتبطة بالتوحد لدى غير المصابين به. وكذلك ليس من الضروري أن يساهم تعرض أحدهم لإحدى هذه العوامل المؤثرة أن يؤدي به إلى الإصابة باضطراب طيف التوحد بل على الأرجح أن الغالبية العظمى لن يصابوا.
عوامل وراثية
توصلت الأبحاث أن الإصابة بالتوحد ترجح إلى أن تكون وراثية في الأسر، فالتغييرات التي قد تحدث في جينات معينة تزيد من احتمالية الإصابة. فإذا كان أحد الوالدين يحمل إحدى هذه الجينات المتغيرة أو عدة منها، فإن احتمالية إنجاب طفل ذو اضطراب طيف توحد تزداد حتى وإن لم يكن إحدى الوالدين أو كلاهما مصابين به. وفي أحيان أخرى، تنشأ هذه التغييرات الجينية من تلقاء نفسها في الجنين (المضغة) مبكرًا أو في الحيوان المنوي و/أو في البويضة التي تكونان الجنين. مجددًا فإن غالبية التغييرات الجينية لا تسبب التوحد بمفردها، لكنها ببساطه تزيد من احتمالية الإصابة بهذا الاضطراب.
عوامل بيئية
تُظهر الأبحاث أن بعض التأثيرات البيئية قد تزيد أو تحد من احتمالية الإصابة بهذا الاضطراب عند الأفراد الذين لديهم قابلية وراثية. والأهم من ذلك، فإن ازدياد عامل الخطر أو نقصانه يظل تأثيره ضئيل/ ضعيف في أي من هذه العوامل التالية:
تزداد احتمالية الإصابة عند:
- تقدم عمر كلا الوالدين أو أحدهما.
- مضاعفات الحمل والولادة (مثل: ولادة طفل خديج قبل ٢٦ أسبوع، ولادة طفل بوزن أقل من المعدل الطبيعي، تعدد الحمل (توأم أو أكثر... إلخ).
- تقارب فترات الحمل والتي تكون أقل من سنة.
تقل نسبة الإصابة عند تناول فيتامينات الحمل التي تحتوي على الفوليك أسيد قبل الحمل، وفي مرحلة التخصيب، وخلال فترة الحمل.
التطعيم إن كل عائلة لديها تجربة مختلفة في تشخيص اضطراب طيف التوحد، والتي تتزامن عند بعضهم مع وقت تلقي طفلهم التطعيمات. لذلك، أجرى الباحثون دراسة واسعة في العقدين الأخيرين ليتسنى لهم التثبت فيما لو وُجد رابط بين تطعيمات مرحلة الطفولة واضطراب طيف التوحد، وكانت نتائج هذا البحث واضحة، أكدت فيها أن التطعيمات لا تسبب اضطراب طيف التوحد. الاختلافات بيولوجية الدماغ
كيف بإمكان العوامل المؤثرة الجينية وغير الجينية أن تساهم في حدوث اضطراب طيف التوحد؟ قد أبدت العديد من هذه العوامل تأثيرًا على جوانب مهمة في وقت مبكر خلال نمو الدماغ. فبعضها يظهر تأثيرًا على طريقة اتصال الخلايا العصبية أو العصبون مع بعضها البعض، والبعض الآخر يظهر تأثيرًا على طريقة اتصال المناطق المختلفة من الدماغ مع بعضها البعض. ولا زالت الأبحاث مستمرة لاستكشاف هذه الاختلافات مع التركيز على تطوير الجانب العلاجي والدعم للتحسين من جودة حياة الأفراد المصابين.
واحد من كل 59 طفلاً يعاني من إضطراب التوحّد.
40% من الأطفال المصابين بالتوحّد غير قادرين على النطق.
الذكور أكثر عرضة للإصابة بالتوّحد عن الإناث بأربع أضعاف.
أصول المصطلح
لقد استُخدم مصطلح 'التوحد' للمرة الأولى في عام 1911م من قبل الطبيب النفسي يوجين بلولير حينما كان يعاين بعض المرضى المعتقد أنهم مصابون بمرض الانفصام الشخصي. ولقد استمدت الكلمة ذاتها من العبارة الإغريقية 'أوتوس'، والتي تعني حرفياً 'الذات'، وتقوم هذه العبارة بوصف الحالات التي تميل إلى العزلة عن الآخرين. أول من عرف التوحد كمتلازمة أعراض سلوكية هو طبيب أطفال نفسي يدعي 'ليو كانر' (Leo Kanner).
تشخيص اضطراب طيف التوحد
لا يوجد اختبار طبي واضح لتشخيص الاضطراب، فلا يمكن لتحليل الدم أو المسح الإشعاعي للدماغ أن يكون دليل دامغ لتشخيص اضطراب طيف التوحد. على الرغم من أن الباحثين يحاولون بنشاط مكثف لتطوير مثل هذه الاختبارات ومقاييس التشخيص. في الوقت الحالي، يعتمد الأطباء/ المختصون الإكلينيكيين في تشخيص اضطراب طيف التوحد على ملاحظة سلوك الطفل لتحديد وجود الأعراض الأساسية للتوحد وهي: صعوبات في التواصل، وعدم التفاعل اجتماعياً والسلوكيات التكرارية والمقيدة.
يمكن القيام بتشخيص حالة ذوي اضطراب طيف التوحد عن طريق خطوتين كما يلي:
الفحص النمائي:
هو فحص مختصر يدل على ما إذا كان الطفل يتعلم المهارات الأساسية بسهولة أم لديه صعوبة في ذلك.
يطرح الطبيب عدة أسئلة على ذوي الطفل وعلى الطفل نفسه أثناء الفحص لمراقبة كيفية استجابته من حيث الحركة والكلام وردة الفعل، حيث يؤخذ بعين الاعتبار التأخر في أحد هذه المهارات.
التقييم التشخيصي الكامل:
هو مراجعة شاملة، تشمل النظر إلى سلوك الطفل ونموه وإجراء مقابلة مع أسرته، وتشمل أيضاً فحص السمع والرؤية، والفحص الجيني، والفحص العصبي، والاختبارات الطبية الأخرى.
في بعض الحالات، يمكن أن يختار الطبيب إحالة الطفل وعائلته إلى اخصائي بهدف التشخيص والتقدير الإضافيين، إذ الأخصائيين القادرين على القيام بهذا النوع من التقييم هم:
- طبيب نمو أطفال
- طبيب مخ وأعصاب (تخصص أطفال)
- طبيب نفسي
- أخصائي نفسي
- وقد يضم الفريق: أخصائي تربية خاصة، أخصائي نطق وتخاطب، وأخصائي علاج وظيفي

تتحسن جودة الحياة لدى الكثير من الأطفال بشكل كبيرمن خلال تشخيص يؤدي إلى تدخل أو مساندة مدعومة بالدلائل والتي من شأنها أن تدرك نقاط القوى الفردية والإهتمامات.
اختبار الكشف عن خطر الاصابة باضطراب طيف التوحد
(M-CHAT) اختبار قائمة استبيان التوحد عند الأطفال
(من عمر ١٦ إلى ٣٠ شهراً) هو اختبار للكشف وتحديد الأطفال الذين هم في خطر الإصابة باضطراب طيف التوحد، الطريقة هي أثناء مواعيد الفحص الطبي الدوري للطفل في عمر ١٨ و ٢٤ شهرًا يتم إعطاء الوالدين اختبار قائمة (استبيان التوحد عند الأطفال) ويطلب منهم الإجابة على ٢٠ سؤال "بنعم أو لا" حول مهارات الطفل الاجتماعية والحركية واللغوية. تبعاً لنتيجة الاختبار، يقوم الأطباء/ المختصون الإكلينيكيين باستخدام الأدوات التشخيصية التي تحدد ما إذا كان الطفل مصاب باضطراب طيف التوحد أم لا.
يستخدم الأطباء/ المختصون الإكلينيكيين نوعين من الاختبارات السلوكية الموثوقة لتشخيص اضطراب طيف التوحد:
- جدول الملاحظة التشخيصية للتوحد (ADOS): حيث أن الأطباء/ المختصون الإكلينيكيين يلاحظون سلوك الأطفال وكيفية اندماجهم وتفاعلهم في مواقف اجتماعية مختلفة لمدة تصل إلى ساعة.
- المقابلة التشخيصية للتوحد (ADI-R): حيث تتم من خلال المقابلة الوالدية.
الاضطرابات مصاحبة لاضطراب طيف التوحد
أكثر من نصف الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد يعانون من أربعة أو أكثر من الحالات المصاحبة للتوحد. تختلف أنواع الحالات المصاحبة للتوحد وكيفية ظهورها من شخص لآخر.
الاضطرابات الشائعة المصاحبة لاضطراب طيف التوحد
بشكل عام إن الاضطرابات التي تتداخل مع التوحد تندرج إلى أربعة أقسام:
- الحالات الطبية مثل: الصرع، مشاكل الجهاز الهضمي، واضطرابات النوم.
- الاضطرابات النمائية مثل: الإعاقة العقلية، والتأخر في اللغة.
- الاضطرابات النفسية مثل: اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD)، اضطراب الوسواس القهري، والاكتئاب.
- الاضطرابات الوراثية مثل: متلازمة كروموسوم إكس الهش، والتصلب الحدبي المعقد.
علاج الاضطرابات المصاحبة للتوحد مهم، لأنه قد يساعد في تخفيف أعراض اضطراب طيف التوحد وبالتالي تحسين جودة حياة الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد. مثلًا: علاج مشاكل النوم، يكون له فوائد سلوكية بحيث يمكن أن يؤثر عدد ساعات النوم وجودة النوم على الحالة المزاجية للفرد ذو اضطراب طيف التوحد وعلى شدة السلوكيات التكرارية لديه.

أظهرت الدراسات أن ذوي اضطراب طيف التوحد لديهم الإرادة لمشاركة محيطهم، لكنهم يواجهون صعوبة في التواصل والتركيز، مما يؤدي لفقد هذه الإرادة والانعزال.
التفاعل
تشمل الخصائص التي تؤدي إلى اضطراب طيف التوحد والتي تؤثر على التفاعل الاجتماعي، صعوبة في التعرف على الإشارات الاجتماعية ومعرفة وقت التحدث أو الاستماع، بالإضافة إلى تعابير الوجه التي يصعب قراءتها، مما يؤدي إلى العزلة الاجتماعية.
قد لا يتمكن بعض الأطفال الذين يعانون من اضطراب طيف التوحد من التواصل باستخدام الكلام أو اللغة، وقد يكون لدى الآخرين منهم مفردات غنية ويكونون قادرين على التحدث عن مواضيع محددة بتفصيل كبير.
لدى أطفال التوحد مشاكل مع معنى وإيقاع الكلمات والجمل، كما قد يتعذر عليهم فهم لغة الجسد ومعاني النغمات الصوتية المختلفة، حيث تؤثر هذه الصعوبات على قدرة الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد على التفاعل مع الآخرين، خاصةً الأشخاص في سنهم. >
فيما يلي بعض أنماط استخدام اللغة والسلوكيات التي توجد غالباً في الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحّد.
لغة متكررة أو جامدة:
غالبًا ما يقول أطفال ذوي اضطراب طيف التوحد أشياء لا معنى لها أو لا تتعلق بالمحادثات التي تدور مع الآخرين، على سبيل المثال: قد يحسب الطفل من واحد إلى خمس مرات بشكل متكرر وسط محادثة لا تتعلق بالأرقام.
أو قد يكرر الطفل الكلمات التي سمعها باستمرار وهي حالة تسمى الصدى. يحدث الصدى عندما يكرر الطفل الكلمات التي قالها شخص ما للتو، فعلى سبيل المثال: قد يرد الطفل على سؤال بطرح نفس السؤال.
وهناك حالة تسمى الصدى المتأخر فيها يكرر الطفل الكلمات المسموعة في وقت سابق. يتحدث بعض أطفال ذوي اضطراب طيف التوحد بصوت عالي النغمة أو يغنون أغنية أو يستخدمون خطابًا يشبه الروبوت، حيث يستخدم أطفال آخرون عبارات لبدء محادثة، وعلى سبيل المثال: قد يقول الطفل "اسمي توم"، حتى تحدثه مع الأصدقاء أو العائلة.


مصالح محدودة وقدرات استثنائية
بعض الأطفال قادرين على عمل حديث فردي متعمق حول موضوع يحمل اهتماماتهم، على الرغم من أنهم قد لا يتمكنون من إجراء محادثة ثنائية الاتجاه حول نفس الموضوع، ولدى الآخرين منهم مواهب موسيقية أو قدرة متقدمة في حسابات الرياضيات.
تأخر في النمو اللغوي:
لدى أطفال ذوي اضطراب طيف التوحد بعض مهارات التحدث واللغة، لكنها ليست بمستوى القدرة العادية، وعادة ما يكون تقدمهم غير متكافئ..
وقد يتمكن الطفل المصاب بالتوحد من قراءة الكلمات قبل سن الخامسة ولكنه قد لا يفهم ما قرأه. ولا يستجيب طفل التوحد عادة لخطاب الآخرين وقد لا يرد على أسمه، نتيجة لذلك يُعتقد في بعض الأحيان أن هؤلاء الأطفال يعانون من مشكلة في السمع.

السلوك

خلال سنوات عديدة من الأبحاث والمراقبات التشخيصية الطبية، لقد تم رصد وتسجيل أنماط سلوكية لها صلة بالتوحد حيث من خلالها تم التعرف على عوارض وصفات عدة للتوحد.
يتأثر كل من يعتبر ضمن حدود أطياف التوحد بأحد النطاقين الأساسيين التاليين:
- التواصل الاجتماعي والتفاعل الاجتماعي: وقد يشمل صعوبة في فهم التواصل غير اللفظي مثل لغة الجسد بالإضافة إلى صعوبة فهم بتوقيت وكيفية الاستجابة بشكل مناسب أثناء التفاعل الاجتماعي، وصعوبة في تطوير العلاقات مع الآخرين وفهمها والحفاظ عليها.
- نمط متكرر في السلوك: ويتميّز باستخدام ذوي اضطراب طيف التوحد للحركة أو الكلام أو غيرهم بشكل متكرر، أو الانزعاج بسهولة من التغييرات التي تطرأ على البيئة الروتينية وعلى البيئة المألوفة ويبدي تركيزًا ضيقاً على مجالات الاهتمام المحدودة.
يميل الأشخاص الذين يعانون من التوحد إلى التصرف بطريقة غير مقبولة اجتماعياً ويمكن أن يكون لديهم سبب وراء ذلك. فيشير الباحثون الطبيون إلى تعلق السلوك غير المعتاد من الأفراد المصابين بالتوحد بعدم قدرتهم على التركيز مع الشخص الذي يتحدث إليهم، أو لأن الشخص المصاب بالتوحد يحاول إرسال رسالة إلى الشخص الآخر ولكنه غير قادر على التعبير عنها، و هذا بسبب قلة التركيز وميل الشخص المصاب بالتوحد إلى عدم الاتصال البصري بالشخص الذي يتحدثون إليه.
بالإضافة إلى ذلك قد يعاني العديد من الأشخاص المصابين بالتوحد من ما يسمى بالانهيار الشديد، وهو ما يعني حرفياً أن الشخص المصاب بالتوحد، يميل إلى الصراخ ونوبات الغضب في حالات الإرباك النفسي. ويمكن التعبير عن هذا الانهيار لفظياً مثل الصراخ، أو جسدياً بطرق مثل الانتقاد والركل والعض أحياناً.
قد يرتبط شكل آخر من أشكال سلوك الأشخاص المصابين بالتوحد بعدم القدرة على التعامل مع الموقف الذي يعزز القلق، مما قد يؤدي هذا إلى ظروف وسلوكيات غير عادية بما في ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، فقدان الصبر بسهولة وصعوبة التركيز وصعوبة النوم والاكتئاب، أو التعلق بأشخاص أو شيء محدد.
